خطبة عن (أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى)
سبتمبر 25, 2025خطبة عن (أنا عَمَلُكَ الصَّالِحُ) مختصرة
سبتمبر 25, 2025الخطبة الأولى (النُّفُوسُ الْمُطْمَئِنَّةُ) مختصرة
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى: (يَاأَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (27) ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً (28) فَادْخُلِي فِي عِبَادِي (29) وَادْخُلِي جَنَّتِي) (27): (30) الفجر.
إخوة الإسلام
النَّفْسُ المُطْمَئِنّة: هي النفس المؤمنة، الراضية عن الله، فرضي الله عنها، وهي النفس المطمئنة بثواب الله، فَأَدْخَلَهَا الله الْجَنَّة، وَجَعَلَهَا في عِبَاده الصَّالِحِينَ.
(النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ): هي نفس لا تفزع عند الملمات، ولا تجزع في المصائب، ولا تغالي في الفرح، بل هي نفس عرفت حقيقة الدنيا، فتعلقت بالآخرة. وفي تفسير ابن كثير: (كان الصحابة وفيهم أبو بكر (رضي الله عنهم أجمعين) جلوسًا عندَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقرأ قارئٌ قول الحق تبارك وتعالى: {يَاأَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً* فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي} [الفجر:27-30]، فقال أبو بكرٍ رضيَ اللهُ عنه: إنَّ هذا لحسنٌ، فقال له النبيُّ صلى الله عليه وسلم:«أما إنَّ الملَكَ سيقولُ لك هذا عند الموتِ »، وفي سنن ابن ماجه: (عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «الْمَيِّتُ تَحْضُرُهُ الْمَلاَئِكَةُ فَإِذَا كَانَ الرَّجُلُ صَالِحًا قَالُوا: اخْرُجِي أَيَّتُهَا النَّفْسُ الطَّيِّبَةُ كَانَتْ فِي الْجَسَدِ الطَّيِّبِ اخْرُجِي حَمِيدَةً وَأَبْشِرِي بِرَوْحٍ وَرَيْحَانٍ وَرَبٍّ غَيْرِ غَضْبَانَ فَلاَ يَزَالُ يُقَالُ لَهَا ذَلِكَ حَتَّى تَخْرُجَ ثُمَّ يُعْرَجُ بِهَا إِلَى السَّمَاءِ فَيُفْتَحُ لَهَا فَيُقَالُ: مَنْ هَذَا فَيَقُولُونَ: فُلاَنٌ. فَيُقَالُ: مَرْحَبًا بِالنَّفْسِ الطَّيِّبَةِ كَانَتْ فِي الْجَسَدِ الطَّيِّبِ ادْخُلِي حَمِيدَةً وَأَبْشِرِي بِرَوْحٍ وَرَيْحَانٍ وَرَبٍّ غَيْرِ غَضْبَانَ. فَلاَ يَزَالُ يُقَالُ لَهَا ذَلِكَ حَتَّى يُنْتَهَى بِهَا إِلَى السَّمَاءِ الَّتِي فِيهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ)، والنَّفْسُ المُطْمَئِنّة: هي نفسٌ قد سكنت إلى ربها وطاعته، واطمأنت إلى أمره ونهيه، واطمأنت إلى لقائه ووعده، واطمأنت إلى الرِّضا به ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولًا، واطمأنت إلى قضائه وقدره، وأنها لا غنى لها عنه طرفة عين.
أيها المسلمون
وبتلك الطمأنينةُ في النفس: تطيبُ الحياةُ، قال تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ * الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ} [الرعد:28-29]؛ والنَّفْسُ المُطْمَئِنّة: هي النفس التي تدفع صاحبها للعمل الصالح، والاستمرار عليه، وهي نفس المؤمن التقي، قال تعالى: (الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ) (29) الرعد، والإنسان إذا وصل إلى مرحلة النفس المطمئنة، فلن يكون بمعزلٍ عن الخطايا؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «كُلُّ ابْنِ آدَمَ خَطَّاءٌ فَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ) رواه أحمد، فكل بني آدم يعتريهم النقص والخطأ، ويقع في الذنب والمعصية،ولكن النفس المطمئنة إذا أخطأت تابت ورجعت، قال تعالى في وصف عباده المؤمنين: (وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ) (135) آل عمران.
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (النُّفُوسُ الْمُطْمَئِنَّةُ)
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
أما عن صفات أصحاب النفس المطمئنة: فمنها: الإخلاص، فيكون المؤمن حريصًا على إخلاص العمل لله تعالى، وإسرار الأعمال، ومنها: وجل القلب، وخوفه من عدم قبول العمل الصالح. قال تعالى: (وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ) (60) المؤمنون، وفي سنن ابن ماجه: (عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ (وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ) أَهُوَ الرَّجُلُ الَّذِى يَزْنِى وَيَسْرِقُ وَيَشْرَبُ الْخَمْرَ قَالَ «لاَ يَا بِنْتَ أَبِى بَكْرٍ- أَوْ يَا بِنْتَ الصِّدِّيقِ- وَلَكِنَّهُ الرَّجُلُ يَصُومُ وَيَتَصَدَّقُ وَيُصَلِّي وَهُوَ يَخَافُ أَنْ لاَ يُتَقَبَّلَ مِنْهُ». ومن صفات أصحاب النفوس المطمئنة: المتابعة لهدي النبي صلى الله عليه وسلم، وفي الصحيحين: (قال رسول الله ” لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَلَدِهِ وَوَالِدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ “، ومنها: محبة الله تعالى وتعظيمه، وحسن الظن بالله تعالى، فإذا ابتلاه صبر، وإذا أنعَمَ عليه شكر، ويحمده على نِعَمهِ، ومن علاماتها: (الأنس بالله في الخلوة والجلوة، والتلذذ بتلاوة كلام الله، وكثرة ذكر الله، وموافقة العبد ربَّه فيما يُحب ويكره.
ومن الصفات: الصدق: فالصدق يجعلك تعيش مطمئنًا، وفي سنن الترمذي: «دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لاَ يَرِيبُكَ فَإِنَّ الصِّدْقَ طُمَأْنِينَةٌ وَإِنَّ الْكَذِبَ رِيبَةٌ». ومن الصفات تقوى الله، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والإحسان إلى العباد، والولاء للمؤمنين، والبراء من الكافرين، وحُسن الخُلُق.
وكلنا يتمنى أن يكون من أصحاب النفوس المطمئنة، إلا أن تحقيق الأمنيات لا يأتي بالتمني، ولكن بالمثابرة، والعمل الجاد، وفي سنن ابن ماجه: (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- ذَاتَ يَوْمٍ لأَصْحَابِهِ «أَلاَ مُشَمِّرٌ لِلْجَنَّةِ فَإِنَّ الْجَنَّةَ لاَ خَطَرَ لَهَا هِيَ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ نُورٌ يَتَلأْلأُ وَرَيْحَانَةٌ تَهْتَزُّ وَقَصْرٌ مَشِيدٌ وَنَهَرٌ مُطَّرِدٌ وَفَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ نَضِيجَةٌ وَزَوْجَةٌ حَسْنَاءُ جَمِيلَةٌ وَحُلَلٌ كَثِيرَةٌ فِي مَقَامٍ أَبَدًا فِي حَبْرَةٍ وَنَضْرَةٍ فِي دَارٍ عَالِيَةٍ سَلِيمَةٍ بَهِيَّةٍ». قَالُوا نَحْنُ الْمُشَمِّرُونَ لَهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «قُولُوا إِنْ شَاءَ اللَّهُ». وفي سنن الترمذي: (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «مَنْ خَافَ أَدْلَجَ وَمَنْ أَدْلَجَ بَلَغَ الْمَنْزِلَ أَلاَ إِنَّ سِلْعَةَ اللَّهِ غَالِيَةٌ أَلاَ إِنَّ سِلْعَةَ اللَّهِ الْجَنَّةُ».
الدعاء