خطبة عن الدعاء ،وحديث ( اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لِي دِينيَ الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِي )
سبتمبر 20, 2025خطبة عن (الاستعاذة من الفتن) مختصرة 1
سبتمبر 24, 2025الخطبة الأولى (الاستعاذة من الفتن) مختصرة 2
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
رُوي في الصحيحين: (قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا تَشَهَّدَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَعِذْ بِاللهِ مِنْ أَرْبَعٍ يَقُولُ: اللهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ، وَمِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ، وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ».
إخوة الإسلام
تناولت معكم في اللقاء السابق هذا الحديث النبوي الكريم وتوقفت معكم عن قوله صلى الله عليه وسلم: (وأعوذ بك مِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ، وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ». فقوله صلى الله عليه وسلم: «ومِن فِتْنةِ المَحْيَا والمَمَاتِ»: أي أَعُوذُ بك يا إلهي من الفتنة في الحياة الدنيا ،وبعد الممات، وفِتنةُ المَحْيَا: يَدخُلُ فيها جميعُ أنواعِ الفِتَنِ الَّتِي يتعرَّضُ لها الإنسانُ في الدُّنيا؛ كالكُفرِ والبِدَعِ، والشَّهَواتِ، والفُسوقِ، قال تعالى: (إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ) الانفال:28.
وأما فِتنةُ المَماتِ: فيدخُل فيها سُوءُ الخاتِمةِ، وفِتنةُ القَبْرِ، وفي سنن أبي داود: (قَالَ: «وَيَأْتِيهِ مَلَكَانِ فَيُجْلِسَانِهِ، فَيَقُولاَنِ لَهُ: مَنْ رَبُّكَ فَيَقُولُ: رَبِّىَ اللَّهُ. فَيَقُولاَنِ لَهُ: مَا دِينُكَ فَيَقُولُ: دِينِى الإِسْلاَمُ. فَيَقُولاَنِ لَهُ: مَا هَذَا الرَّجُلُ الَّذِى بُعِثَ فِيكُمْ قَالَ فَيَقُولُ: هُوَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-. فَيَقُولاَنِ: وَمَا يُدْرِيكَ فَيَقُولُ: قَرَأْتُ كِتَابَ اللَّهِ فَآمَنْتُ بِهِ وَصَدَّقْتُ». قَالَ: «فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ: أَنْ قَدْ صَدَقَ عَبْدِي فَأَفْرِشُوهُ مِنَ الْجَنَّةِ وَافْتَحُوا لَهُ بَابًا إِلَى الْجَنَّةِ وَأَلْبِسُوهُ مِنَ الْجَنَّةِ قَالَ: «فَيَأْتِيهِ مِنْ رَوْحِهَا وَطِيبِهَا». قَالَ: «وَيُفْتَحُ لَهُ فِيهَا مَدَّ بَصَرِهِ».
قَالَ: «وَإِنَّ الْكَافِرَ». فَذَكَرَ مَوْتَهُ قَالَ: «وَتُعَادُ رُوحُهُ فِي جَسَدِهِ وَيَأْتِيهِ مَلَكَانِ فَيُجْلِسَانِهِ فَيَقُولاَنِ: مَنْ رَبُّكَ فَيَقُولُ: هَاهْ هَاهْ هَاهْ لاَ أَدْرِي. فَيَقُولاَنِ لَهُ :مَا دِينُكَ فَيَقُولُ: هَاهْ هَاهْ لاَ أَدْرِي. فَيَقُولاَنِ: مَا هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي بُعِثَ فِيكُمْ فَيَقُولُ: هَاهْ هَاهْ لاَ أَدْرِي. فَيُنَادِى مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ: أَنْ كَذَبَ فَأَفْرِشُوهُ مِنَ النَّارِ وَأَلْبِسُوهُ مِنَ النَّارِ وَافْتَحُوا لَهُ بَابًا إِلَى النَّارِ». قَالَ : «فَيَأْتِيهِ مِنْ حَرِّهَا وَسَمُومِهَا». قَالَ: «وَيُضَيَّقُ عَلَيْهِ قَبْرُهُ حَتَّى تَخْتَلِفَ فِيهِ أَضْلاَعُهُ». قَالَ: «ثُمَّ يُقَيَّضُ لَهُ أَعْمَى أَبْكَمُ مَعَهُ مِرْزَبَّةٌ مِنْ حَدِيدٍ لَوْ ضُرِبَ بِهَا جَبَلٌ لَصَارَ تُرَابًا». قَالَ: « فَيَضْرِبُهُ بِهَا ضَرْبَةً يَسْمَعُهَا مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ إِلاَّ الثَّقَلَيْنِ فَيَصِيرُ تُرَابًا».
أيها المسلمون
وأما قولُه صلى الله عليه وسلم: «ومِن فِتْنةِ المَسِيحِ الدَّجَّالِ»، أي: أعوذ بك يا رب أن تصيبني فتنة الدجال ،وأنْ أُصَدِّقَه، أو أَقَعَ تحتَ إغوائِه، فهو أعظمُ الفِتَنِ وأخطَرُها في الدُّنيا؛ ولذلك حذَّرتِ الأنبياءُ جميعًا أُمَمَها مِن شرِّه وفِتْنتِه؛ وكان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يَستعِيذُ مِن فِتْنتِه في كلِّ صلاةٍ، وبيَّنَ أنَّ فِتْنتَه أعظَمُ الفِتَنِ مُنذُ خَلَقَ اللهُ آدَمَ عليه السَّلامُ، إلى قِيامِ السَّاعةِ.
والدَّجَّالُ: شخصٌ مِن بني آدمَ، وظُهورُه مِن العَلاماتِ الكُبرى ليومِ القِيامةِ، يَبتلي اللهُ به عِبادَه، وقد أَقْدَره على أشياءَ مِن مَقدوراتِ الله تعالى: مِن إحياءِ المَيتِ الذي يَقتُلُه، ومِن ظُهورِ زَهرةِ الدُّنيا والخِصْبِ معه، وجَنَّتِه ونارِه، ونَهْرَيْهِ، واتِّباعِ كُنوزِ الأرضِ له، وأمْرِه السَّماءَ أنْ تُمطِرَ فتُمطِرَ، والأرضَ أن تُنبِتَ فتُنبِتَ؛ فيَقَعُ كلُّ ذلك بقُدرةِ الله تعالَى ومشيئتِه. ففي صحيح مسلم : (يقول صلى الله عليه وسلم: “مَا بَيْنَ خَلْقِ آدَمَ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ خَلْقٌ أَكْبَرُ مِنْ الدَّجَّالِ” وفي رواية : (مَا بَيْنَ خَلْقِ آدَمَ إِلَى أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ فِتْنَةٌ أَكْبَرُ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ).
وجاء في حديث النواس بن سمعان رضي الله عنه في ذكر الدجال: أن الصحابة قالوا: “يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا لَبْثُهُ فِي الأَرْضِ؟ قَالَ: أَرْبَعُونَ يَوْمًا؛ يَوْمٌ كَسَنَةٍ وَيَوْمٌ كَشَهْرٍ وَيَوْمٌ كَجُمُعَةٍ وَسَائِرُ أَيَّامِهِ كَأَيَّامِكُمْ ” “.. قالوا: وَمَا إِسْرَاعُهُ فِي الأَرْضِ؟ قَالَ: كَالْغَيْثِ اسْتَدْبَرَتْهُ الرِّيحُ. فَيَأْتِي عَلَى الْقَوْمِ فَيَدْعُوهُمْ فَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَجِيبُونَ لَهُ، فَيَأْمُرُ السَّمَاءَ فَتُمْطِرُ، وَالأَرْضَ فَتُنْبِتُ، فَتَرُوحُ عَلَيْهِمْ سَارِحَتُهُمْ – الماشية – أَطْوَلَ مَا كَانَتْ ذُرًا – الأعالي والأسنمة – وَأَسْبَغَهُ ضُرُوعًا، وَأَمَدَّهُ خَوَاصِرَ – كناية عن الامتلاء وكثرة الأكل -. ثُمَّ يَأْتِي الْقَوْمَ فَيَدْعُوهُمْ فَيَرُدُّونَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ فَيَنْصَرِفُ عَنْهُمْ فَيُصْبِحُونَ مُمْحِلِينَ لَيْسَ بِأَيْدِيهِمْ شَيْءٌ مِنْ أَمْوَالِهِمْ. وَيَمُرُّ بِالْخَرِبَةِ فَيَقُولُ لَهَا أَخْرِجِي كُنُوزَكِ فَتَتْبَعُهُ كُنُوزُهَا كَيَعَاسِيبِ النَّحْلِ. ثُمَّ يَدْعُو رَجُلا مُمْتَلِئًا شَبَابًا فَيَضْرِبُهُ بِالسَّيْفِ فَيَقْطَعُهُ جَزْلَتَيْنِ رَمْيَةَ الْغَرَضِ ثُمَّ يَدْعُوهُ فَيُقْبِلُ وَيَتَهَلَّلُ وَجْهُهُ يَضْحَكُ) رواه مسلم
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (الاستعاذة من الفتن) 2 مختصرة
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
وقد أرشد النبي صلى الله عليه وسلم أمته إلى ما يعصمها من فتنة المسيح الد جال، فمن الإرشادات النبوية التي أرشد إليها المصطفى صلى الله عليه وسلم أمته لتنجو من هذه الفتنة العظيمة: التمسك بالإسلام، والتسلح بسلاح العلم والإيمان، ومعرفة أسماء الله وصفاته الحسنى، التي لا يشاركه فيها أحد، فيعلم أن الدجال بشر يأكل ويشرب، وأن الله تعالى منزه عن ذلك، وأن الدجال أعور والله ليس بأعور، وأنه لا أحد يرى ربه حتى يموت، والدجال يراه الناس عند خروجه مؤمنهم وكافرهم. والتعوذ من فتنة الدجال، وحفظ آيات من سورة الكهف، فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقراءة فواتح سورة الكهف على الدجال، وفي بعض الروايات خواتيمها، وذلك بقراءة عشر آيات من أولها أو آخرها. ومن الأحاديث الواردة في ذلك ما رواه مسلم من حديث النواس بن سمعان الطويل، وفيه قوله صلى الله عليه وسلم: (فَمَنْ أَدْرَكَهُ مِنْكُمْ فَلْيَقْرَأْ عَلَيْهِ فَوَاتِحَ سُورَةِ الْكَهْفِ) رواه مسلم.
أيها المسلمون
ولقرب وقت الدجال علاماتٍ؛ منها التهاون بالصلوات، وإضاعة الأمانات، ويكثر الفجرة والخونة، والظلمة والفسقة، ويفشو الزنا، ويظهر الربا، وتقطَّع الأرحام، وتتخذ المغنيات والراقصات وتشرب الخمور، وتنقضُ العهود، ويأكل الناس الرشوة والمال الحرام، ويستخفون بالدماء، ويتطاول السفهاء، ويتشبه النساء بالرجال والرجال بالنساء، وتكون القلوب خالية من الإيمان، ويلتمس الفقه لغير الدين، ويتغنون بالقرآن، وتكون الدنيا بيد اللئام. وترى الحفاة العراة يتطاولون في البنيان، ويقبض العلم، ويظهر الجهل، ويلقى الشح، ويكثر الهرج والقتل. في هذه الأجواء، يبعث الله عليهم الدجال، فيسلطه عليهم، حتى ينتقم منهم، وينحاز المؤمنون إلى بيت المقدس. ويقتل عيسى بن مريم الدجال.
الدعاء