خطبة عن (تُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ)
أبريل 16, 2025خطبة حول ( من ثمرات الإسلام ومحاسنه )
أبريل 19, 2025الخطبة الأولى (لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ)
الحمد لله رب العالمين، اللهم لك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، حمدا يوافي النعم ويكافئ المزيد، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ) (2)، (3) الصف.
إخوة الإسلام
لقاؤنا اليوم -إن شاء الله تعالى- مع هذه الآيات المباركات، من كتاب الله العزيز، وقد روى الامام الترمذي في سننه: (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلاَمٍ قَالَ قَعَدْنَا نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَتَذَاكَرْنَا فَقُلْنَا لَوْ نَعْلَمُ أَيَّ الأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ لَعَمِلْنَاهُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: (سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لاَ تَفْعَلُونَ)، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلاَمٍ، فَقَرَأَهَا عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، وأخرج الطبري في تفسيره: (عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: كان ناس من المؤمنين قبل أن يفرض الجهاد يقولون: لودِدنا أنَّ الله عز وجل دلَّنا على أحب الأعمال إليه فنعمل بها، فأخبر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم أن أحب الأعمال: إيمان به، لا شك فيه، وجهاد أهل معصيته، الذين خالفوا الإيمان، ولم يُقِرّوا به. فلما نزل الجهاد، كره ذلك ناس من المؤمنين، وشقَّ عليهم أمره، فأنزل الله سبحانه وتعالى قوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ}.
فالله سبحانه وتعالى يمقت ويكره الإنسان في حالات، ويرضى عنه في حالات أخرى، ومن الحالات التي يمقت الله تعالى فيها عبده: أن يخالف قوله فعله، قال تعالى: ﴿أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ﴾ [البقرة:44]، وفي صحيح مسلم: (أن رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: «يُؤْتَى بِالرَّجُلِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُلْقَى فِي النَّارِ فَتَنْدَلِقُ أَقْتَابُ بَطْنِهِ فَيَدُورُ بِهَا كَمَا يَدُورُ الْحِمَارُ بِالرَّحَى فَيَجْتَمِعُ إِلَيْهِ أَهْلُ النَّارِ فَيَقُولُونَ يَا فُلاَنُ مَا لَكَ أَلَمْ تَكُنْ تَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ فَيَقُولُ بَلَى قَدْ كُنْتُ آمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَلاَ آتِيهِ وَأَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ وَآتِيهِ». وفي الصحيحين: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ «آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلاَثٌ إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ»،
أيها المسلمون
والذي تخالف أقواله أفعاله هو شخص ذو وجهين، وقد ذم الشرع الحكيم هذا الصنف من الناس، واعتبرهم من شر الناس في الدنيا والآخرة، ففي الصحيحين: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ – رضي الله عنه – قَالَ قَالَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – «تَجِدُ مِنْ شَرِّ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ اللَّهِ ذَا الْوَجْهَيْنِ، الَّذِي يَأْتِي هَؤُلاَءِ بِوَجْهٍ وَهَؤُلاَءِ بِوَجْهٍ»، فمن أصول العقيدة عند أهل السنة والجماعة: أن الإيمان قول وعمل، والإيمان ليس مجرد كلمات يقولها الإنسان بلسانه، أو عبادات يؤديها أمام الناس، وإنما الإيمان سلوك ومعاملة وأخلاق، تترجم إلى واقع حي يراه الناس، فصاحب الإيمان الصحيح، تظهر آثاره في السلوك والالتزام مؤشراً على صدقه وصلاحه، فالمؤمن لا يخالف قوله فعله، بل يبدأ بنفسه أولاً، فيحملها على الخير والبر، قبل أن يتوجه بكلامه إلى غيره، ليكون بذلك هو الأسوة الحسنة، والقدوة المثلى، وليكون لكلامه تأثير في نفوس السامعين الذين يدعوهم، بل إنه ليس بحاجة إلى كلام كثير، فحسبُ الناس أن ينظروا إلي واقعه وسلوكه، ليروا فيهما الإسلام والإيمان حياً يمشي أمامهم على الأرض، وليشعّ بنوره على من حوله، فيضيء الطريق للسالكين، وتنفتح عليه العيون، ويقع كلامه في القلوب، فيحمل الناس بذلك على التأسي والإتباع، فهو يدعو بسلوكه وواقعه، قبل أن يدعو بقوله وكلامه،
ولنا في رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خير أسوة، فقد كان -عليه الصلاة والسلام- إذا أمر الناس بأمر، كان أشد الناس تمسكاً به، وكان يحمل أهل بيته على ذلك، قبل أن يدعو غيرهم، ففي حجَّة الوَداع، أبطَلَ صلى الله عليه وسلم أمور الجاهليَّة، ووضَعَها تحت قدمَيْه، وبَدَأ بأقاربه؛ كما جاء في صحيح مسلم: (خَطَبَ صلى الله عليه وسلم النَّاسَ وَقَالَ «إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا أَلاَ كُلُّ شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ تَحْتَ قَدَمَيَّ مَوْضُوعٌ وَدِمَاءُ الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعَةٌ وَإِنَّ أَوَّلَ دَمٍ أَضَعُ مِنْ دِمَائِنَا دَمُ ابْنِ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ كَانَ مُسْتَرْضِعًا فِي بَنِى سَعْدٍ فَقَتَلَتْهُ هُذَيْلٌ وَرِبَا الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعٌ وَأَوَّلُ رِبًا أَضَعُ رِبَانَا رِبَا عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَإِنَّهُ مَوْضُوعٌ كُلُّهُ)،
وفي عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم سرَقت امرأة مخزوميَّة قلادة، فأقام عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم الحد، ففي الصحيحين: (عَنَ عَائِشَةَ أَنَّ قُرَيْشًا أَهَمَّهُمْ شَأْنُ الْمَرْأَةِ الْمَخْزُومِيَّةِ الَّتِي سَرَقَتْ فَقَالُوا مَنْ يُكَلِّمُ فِيهَا رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالُوا وَمَنْ يَجْتَرِئُ عَلَيْهِ إِلاَّ أُسَامَةُ حِبُّ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-. فَكَلَّمَهُ أُسَامَةُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «أَتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ». ثُمَّ قَامَ فَاخْتَطَبَ فَقَالَ «أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ وَايْمُ اللَّهِ لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا».
وجاء في “المصنف”؛ لابن أبي شيبة: “كان أمير المؤمنين عمر – رضِي الله عنه – إذا نهى الناسَ عن شيءٍ جمَع أهلَ بيته فقال: إنِّي نهيتُ الناس عن كذا وكذا، وإنَّ الناس يَنظُرون إليكم كما يَنظُر الطَّير إلى اللحم، وايمُ الله، لا أجد أحدًا منكم فعَلَه إلاَّ أضعَفتُ له العقوبة ضعفين”
أيها المسلمون
فما أعظم ذنب أولئك الذين يصدون عن دين الله، ويقفون حجرة عثرة أمام الدخول فيه، والتمسك بأحكامه، وذلك لأن أقوالهم تخالف أفعالهم، فبسلوكهم هذا، ينفّرون الناس من الدين، وتنطلق الألسنة المتبجحة لتقول: انظروا إلى الداعية فلان.. إنه يدعونا إلى شيء ويخالفنا إلى غيره، ولو كان ما دعانا إليه حقاً لاتبعه وتمسك به؟، فيتركون -عندئذ- الدين، بسبب سلوكه الذميم!، وكم يتحمل هؤلاء من أوزار الذين تابعوهم في سلوكهم ذاك، إذ أنهم حملوهم على المخالفة والإثم بالإيحاء والقدوة العملية، ولولاهم ما وقعوا في ذلك، فهم الذين سنَّوا هذه السنة السيئة، فكان عليهم إثمهم وآثام من اتبعهم، قال تعالى: (لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ) (25) النحل، وفي صحيح مسلم: (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلاَمِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا بَعْدَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ وَمَنْ سَنَّ فِي الإِسْلاَمِ سُنَّةً سَيِّئَةً كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ».
وإنها لعقوبةٌ شنيعة للداعية الذي يُخالِف فِعلُه قولَه، وكذلك الخُطَباء الذين لا يعمَلُون بما جاء في كتاب الله، ففي مسند أحمد: (عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «مَرَرْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي عَلَى قَوْمٍ تُقْرَضُ شِفَاهُهُمْ بِمَقَارِيضَ مِنْ نَارٍ قُلْتُ مَا هَؤُلاَءِ قَالَ هَؤُلاَءِ خُطَبَاءُ أُمَّتِكَ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا كَانُوا يَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَيَنْسَوْنَ أَنْفُسَهُمْ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلاَ يَعْقِلُونَ»
وقد نعى الله سبحانه على بني إسرائيل، وبخاصة أولئك الأحبار فيهم، ووبَّخهم علي سلوكهم، فهم يأمرون الناس بالبر، الذي هو جماع الخير، ولكنهم ينسون أنفسهم فلا يأتمرون بما يأمرون الناس به، مع علمهم بجزاء من قصّر في أوامر الله سبحانه، قال تعالى : (يَابَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ (40) وَآمِنُوا بِمَا أَنْزَلْتُ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ (41) وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (42) وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ (43) أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ) (40): (44) (البقرة.
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ)
الحمد لله رب العالمين، اللهم لك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، حمدا يوافي النعم ويكافئ المزيد، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
قَالَ الصحابي عَبدُ اللهِ بنُ مَسعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ: (إِنَّ النَّاسَ قَد أَحسَنُوا القَولَ كُلُّهُم، فَمَن وَافَقَ قَولُهُ فِعلَهُ فَذَلِكَ الَّذِي أَصَابَ حَظَّهُ، وَمَن خَالَفَ قَولُهُ فِعلَهُ فَإِنَّمَا يُوبِّخُ نَفسَهُ).
فإِنَّهَا لَمُصِيبَةٌ عَلَى المَرءِ، أَن يَقُولَ الخَيرَ بِلِسَانِهِ، وَيَحُثَّ عَلَيهِ بِقَلَمِهِ، وَرُبَّمَا تَمَدَّحَ بِهِ في المَجَالِسِ وَالنَّوَادِي، ثم هُوَ بَعدَ ذَلِكَ لا يَفعَلُهُ، وَتَرَاهُ يَنهَى عَنِ الشَّرِّ وَيُظهِرُ مَقتَهُ، وَرُبَّمَا ادَّعَى التَّنَزُّهَ عَنهُ وَمُجَانَبَتَهُ، وَهُوَ في الوَاقِعِ مُتَلَوِّثٌ بِهِ غَارِقٌ في أَوحَالِهِ، إنَّ الصَّرَاطَ المُستَقِيمَ الَّذِي نَدعُو اللهَ جَمِيعًا أَن يَجعَلَنَا مِن أَهلِهِ، وَيَهدِيَنَا سَبِيلَهُ، صِرَاطُ عِلمٍ وَعَمَلٍ، وَدَعوَةٍ صَادِقَةٍ وَأُسوَةٍ حَسَنَةٍ، وَمِن ثَمَّ فَقَد كَانَ الَّذِينَ أَنعَمَ اللهُ عَلَيهِم مِن أَنبِيَائِهِ وَرُسُلِهِ، أَسبَقَ النَّاسِ إِلى فِعلِ مَا يَأمُرُونَ بِهِ، وَأَعجَلَهُم إِلى تَركِ مَا يَنهَونَ عَنهُ، وبِذَلِكَ امتَدَحَهُمُ اللهُ وَأَثنَى عَلَيهِم، وَأَمرَ بِالاقتِدَاءِ بِهِم، فقد قَالَ نبي الله شُعَيبٌ (عَلَيهِ السَّلامُ) لِقَومِهِ: ﴿وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ﴾ [هود:88].
فَيَا أُمَّةَ الإِسلامِ: آبَاءً وَمُعَلِّمِينَ، ودعاة، وأئمة، وخطباء، وواعظين، ويا كل من تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر، اتقوا الله في أَنفُسِكُم، واحذروا أن يخالف قولكم عملكم، فتقولون ما لا تفعلون، فأقوالكم وأفعالكم أَمَانَةٌ في أَعنَاقِكُم، وَسَتُسأَلُونَ عَنهَا حَفِظتُم أَم ضَيَّعتُم، وَمَا لم تَكُونُوا أَنتُم في أَنفُسِكُم قُدُوَاتٍ حَسَنَةً، صَادِقِينَ في تَعَامُلِكُم، تُطَابِقُ الأَفعَالُ مِنكُمُ الأَقوَالَ، فَلا وَاللهِ لن تَستَفِيدَ مِنكُم الأَجيَالُ، قَالَ الإِماَم ُالغَزَالِيُّ رَحِمَهُ اللهُ مُتَحَدِّثًا عَنِ المُعَلِّمِ: (أَن يَكُونَ المُعَلِّمُ عَامِلاً بِعِلمِهِ؛ فَلا يُكَذِّبُ قَولُهُ فِعلَهُ؛ لأَنَّ العِلمَ يُدرَكُ بِالبَصَائِرِ، وَالعَمَلَ يُدرَكُ بِالأَبصَارِ، وَأَربَابُ الأَبصَارِ أَكثَرُ، فَإِذَا خَالَفَ العَمَلُ العِلمَ مَنَعَ الرُّشدَ).
الدعاء