خطبة عن (سِلْعَةُ اللَّهِ غَالِيَةٌ.. سِلْعَةُ اللَّهِ الْجَنَّةُ)

                    الخطبة الأولى (سِلْعَةُ اللَّهِ غَالِيَةٌ.. سِلْعَةُ اللَّهِ الْجَنَّةُ)

الحمد لله رب العالمين، اللهم لك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، حمدا يوافي النعم ويكافئ المزيد، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. 

                                    أما بعد  أيها المسلمون    

روى مسلم في صحيحه: (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «قُومُوا إِلَى جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ ». قَالَ يَقُولُ عُمَيْرُ بْنُ الْحُمَامِ الأَنْصَارِيُّ يَا رَسُولَ اللَّهِ جَنَّةٌ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ قَالَ « نَعَمْ». قَالَ بَخٍ بَخٍ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «مَا يَحْمِلُكَ عَلَى قَوْلِكَ بَخٍ بَخٍ». قَالَ لاَ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِلاَّ رَجَاءَةَ أَنْ أَكُونَ مِنْ أَهْلِهَا. قَالَ «فَإِنَّكَ مِنْ أَهْلِهَا». فَأَخْرَجَ تَمَرَاتٍ مِنْ قَرْنِهِ فَجَعَلَ يَأْكُلُ مِنْهُنَّ ثُمَّ قَالَ لَئِنْ أَنَا حَيِيتُ حَتَّى آكُلَ تَمَرَاتِي هَذِهِ إِنَّهَا لَحَيَاةٌ طَوِيلَةٌ – قَالَ – فَرَمَى بِمَا كَانَ مَعَهُ مِنَ التَّمْرِ. ثُمَّ قَاتَلَهُمْ حَتَّى قُتِلَ). وفي سنن الترمذي: (أن أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «مَنْ خَافَ أَدْلَجَ وَمَنْ أَدْلَجَ بَلَغَ الْمَنْزِلَ أَلاَ إِنَّ سِلْعَةَ اللَّهِ غَالِيَةٌ أَلاَ إِنَّ سِلْعَةَ اللَّهِ الْجَنَّةُ».

إخوة الإسلام

قال الله تعالى: (لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ) (20) الحشر، فالإنسان إذا أُدخل الجنة، ونجا من النار، فقد فاز فوزا عظيما، قال تعالى: (فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ) آل عمران:185، فالجنة هي سلعة الله الغالية ،والوصول إليها يحتاج إلى إيمان صادق، وسعي مشكور، وعمل مقبول، قال تعالى: {وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا} الإسراء:19.

والطريق إلى الجنة ليس سهلا، بل هو محفوف بما تكرهه النفس، ففي صحيح مسلم: (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «حُفَّتِ الْجَنَّةُ بِالْمَكَارِهِ وَحُفَّتِ النَّارُ بِالشَّهَوَاتِ». ولذلك كان الطريق إلى الجنة لا يسلكه إلا المؤمنون الصادقون، فمن صدق الله، صدقه الله، وأعانه على الوصل إلى مطلوبه ومبتغاه، قال تعالى: (إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى (4) فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (6) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (7) وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (8) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى (9) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى) (4): (10) الليل، فالوصول إلى الجنة سهل على المؤمنين، ومتعسر على المفرطين، فهي غالية على الكسلان، ورخيصة لمن اشتاق إليها وعبد الرحمن،

وقبل أن نتناول الأعمال الصالحة التي تقربنا من الجنة، أذكركم بنعيم الجنة، فنعيمها لا يشوبه نقص، ولا يعكر صفوه كَدَرٌ، وما حدثنا الله به عنها، وما أخبرنا به الرسول صلى الله عليه وسلم يعجز العقل عن إدراكه واستيعابه؛ ففي الصحيحين: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ – رضي الله عنه – قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – «قَالَ اللَّهُ أَعْدَدْتُ لِعِبَادِي الصَّالِحِينَ مَا لاَ عَيْنَ رَأَتْ، وَلاَ أُذُنَ سَمِعَتْ، وَلاَ خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ، فَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ (فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِىَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [السجدة:17]، فالجنة هي نور يتلألأ، وريحانة تهتز، وقصر مشيد، ونهر مطرد، وفاكهة كثيرة نضيجة، وزوجة حسناء جميلة، وحللٌ كثيرة، في مقام أبدًا، في حَبْرَةٍ ونضرة، في دور عالية، سليمة بهية، وفي الصحيحين: (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ «أَوَّلُ زُمْرَةٍ تَدْخُلُ الْجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، وَالَّذِينَ عَلَى إِثْرِهِمْ كَأَشَدِّ كَوْكَبٍ إِضَاءَةً، قُلُوبُهُمْ عَلَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ، لاَ اخْتِلاَفَ بَيْنَهُمْ وَلاَ تَبَاغُضَ، لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ زَوْجَتَانِ، كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا يُرَى مُخُّ سَاقِهَا مِنْ وَرَاءِ لَحْمِهَا مِنَ الْحُسْنِ، يُسَبِّحُونَ اللَّهَ بُكْرَةً وَعَشِيًّا، لاَ يَسْقَمُونَ وَلاَ يَمْتَخِطُونَ ،وَلاَ يَبْصُقُونَ، آنِيَتُهُمُ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ، وَأَمْشَاطُهُمُ الذَّهَبُ، وَقُودُ مَجَامِرِهِمُ الأُلُوَّةُ – قَالَ أَبُو الْيَمَانِ يَعْنِى الْعُودَ – وَرَشْحُهُمُ الْمِسْكُ»، وفي الصحيحين: (عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ «إِنَّ فِي الْجَنَّةِ شَجَرَةً يَسِيرُ الرَّاكِبُ الْجَوَادَ الْمُضَمَّرَ السَّرِيعَ مِائَةَ عَامٍ مَا يَقْطَعُهَا». وفي صحيح مسلم: (أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «فِي الْجَنَّةِ خَيْمَةٌ مِنْ لُؤْلُؤَةٍ مُجَوَّفَةٍ، عَرْضُهَا سِتُّونَ مِيلًا، فِي كُلِّ زَاوِيَةٍ مِنْهَا أَهْلٌ، مَا يَرَوْنَ الْآخَرِينَ، يَطُوفُ عَلَيْهِمِ الْمُؤْمِنُ»، وفيه أيضا: (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ” إِنَّ فِي الْجَنَّةِ لَسُوقًا، يَأْتُونَهَا كُلَّ جُمُعَةٍ، فَتَهُبُّ رِيحُ الشَّمَالِ فَتَحْثُو فِي وُجُوهِهِمْ وَثِيَابِهِمْ، فَيَزْدَادُونَ حُسْنًا وَجَمَالًا، فَيَرْجِعُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ وَقَدِ ازْدَادُوا حُسْنًا وَجَمَالًا، فَيَقُولُ لَهُمْ أَهْلُوهُمْ: وَاللهِ لَقَدِ ازْدَدْتُمْ بَعْدَنَا حُسْنًا وَجَمَالًا، فَيَقُولُونَ: وَأَنْتُمْ، وَاللهِ لَقَدِ ازْدَدْتُمْ بَعْدَنَا حُسْنًا وَجَمَالًا “، وفي مسند أحمد: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «لِلرَّجُلِ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ زَوْجَتَانِ مِنْ حُورِ الْعِينِ، عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ سَبْعُونَ حُلَّةً، يُرَى مُخُّ سَاقِهَا مِنْ وَرَاءِ الثِّيَابِ». فالجنة من يدخلها ينعم ولا يبأس ويخلد ولا يموت لا تبلى ثيابه ولا يفنى شبابه. ففي صحيح مسلم: (عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ” يُنَادِي مُنَادٍ: إِنَّ لَكُمْ أَنْ تَصِحُّوا فَلَا تَسْقَمُوا أَبَدًا، وَإِنَّ لَكُمْ أَنْ تَحْيَوْا فَلَا تَمُوتُوا أَبَدًا، وَإِنَّ لَكُمْ أَنْ تَشِبُّوا فَلَا تَهْرَمُوا أَبَدًا، وَإِنَّ لَكُمْ أَنْ تَنْعَمُوا فَلَا تَبْأَسُوا أَبَدًا ” فَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [الأعراف:43]، وأكمل النعيم في الجنة وأعظمه رؤية الله تبارك تعالى ففي صحيح مسلم: (عَنْ صُهَيْبٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ” إِذَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ، قَالَ: يَقُولُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: تُرِيدُونَ شَيْئًا أَزِيدُكُمْ؟ فَيَقُولُونَ: أَلَمْ تُبَيِّضْ وُجُوهَنَا؟ أَلَمْ تُدْخِلْنَا الْجَنَّةَ، وَتُنَجِّنَا مِنَ النَّارِ؟ قَالَ: فَيَكْشِفُ الْحِجَابَ، فَمَا أُعْطُوا شَيْئًا أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِنَ النَّظَرِ إِلَى رَبِّهِمْ عَزَّ وَجَلَّ ” وقال تعالى {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} يونس:26،

أيها المسلمون

وللجنة أبواب وطرق كثيرة، فمَنْ طَرَق أبوابها، كان من الفائزين، وأولها: الإيمان بالله والعمل الصالح: قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ [البقرة:82]. ومن أبواب الجنة: التقوى: وهي الالتزام بأوامر الله تعالى، واجتناب نواهيه، قال تعالى: ﴿وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ﴾ [آل عمران:133]. والطريق إلى الجنة لا بد له من التوبة: وهي الرجوع عن معصية الله إلى طاعته، قال تعالى: ﴿إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ [الفرقان:70]. ويحتاج إلى الاستقامة على دين الله، قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ﴾ [فصلت:30]. ومنها أيضا: طلب العلم لوجه الله تبارك وتعالى: ففي صحيح مسلم: (عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ومَن سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا، سهَّل الله له به طريقًا إلى الجنة»؛ ومنها: بناء المساجد، ففي صحيح البخاري: (عن عثمان بن عفان رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «مَن بنى مسجدًا يبتغي به وجه الله، بنى الله له بيتًا في الجنة». ومنها: حُسْن الخُلُق، ففي سنن الترمذي: قال صلى الله عليه وسلم: «أكثرُ ما يدخل الناس الجنة تقوى الله وحُسْن الخُلُق، وأكثر ما يدخل الناس النار الفم والفرج»؛ ومن الأعمال الصالحة التي توصلنا إلى الجنة: الذهاب إلى المسجد والعودة منه لأداء الصلوات، فقد روى الإمام مسلم في صحيحه: (عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم: «من غدا إلى المسجد أو راح، أعدَّ الله له في الجنة نزلًا كلما غدا أو راح». ومنها: (قراءة آية الكرسي دُبر كل صلاةٍ من الصلوات المكتوبة، ففي صحيح ابن حبان: (عن أبي أُمامةَ الباهليِّ رضيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «مَن قرأَ آيةَ الكُرسيِّ دُبُرَ كلِّ صلاةٍ مكتوبةٍ، لم يمنَعْه مِن دخولِ الجنَّةِ إلَّا الموتُ»؛ ومنها:  الحج المبرور، ففي مسند أحمد: (قال صلى الله عليه وسلم: «الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة»؛ ومنها: صلاة اثنتي عشرة ركعة كل يوم وليلة تطوعًا لله تعالى، ففي سنن الترمذي: (عن أم حبيبة رضي الله عنها، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَن صلَّى في يوم وليلة اثنتي عشرة ركعة، بُني له بيت في الجنة»؛ ومنها: إفشاء السلام، وإطعام الطعام، وصلة الأرحام، والصلاة بالليل، ففي سنن ابن ماجه: (قال صلى الله عليه وسلم: «يا أيها الناس، أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام»؛ ومنها: القيام بتربية وإعالة البنات، ففي سنن الترمذي: (عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ عَالَ جَارِيَتَيْنِ دَخَلْتُ أَنَا وَهُوَ الْجَنَّةَ كَهَاتَيْنِ، وَأَشَارَ بِأُصْبُعَيْه»؛ ومنها: كفالة اليتيم، فقد روى الإمام البخاري في صحيحه: (عن سهل بن سعد، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا، وقال بأُصبُعَيه السبابة والوسطى». ومنها: عيادة المريض أو زيارة أخ في الله، ففي سنن الترمذي: (عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من عاد مريضًا، أو زار أخًا له في الله، ناداه منادٍ: أن طبت وطاب ممشاك، وتبوَّأت من الجنة منزلًا»؛  

                             أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم

                    الخطبة الثانية (سِلْعَةُ اللَّهِ غَالِيَةٌ.. سِلْعَةُ اللَّهِ الْجَنَّةُ)

الحمد لله رب العالمين، اللهم لك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، حمدا يوافي النعم ويكافئ المزيد، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. 

                                    أما بعد  أيها المسلمون    

فهل من مشمر للجنة سلعة الله الغالية، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « مَنْ خَافَ أَدْلَجَ وَمَنْ أَدْلَجَ بَلَغَ الْمَنْزِلَ أَلاَ إِنَّ سِلْعَةَ اللَّهِ غَالِيَةٌ أَلاَ إِنَّ سِلْعَةَ اللَّهِ الْجَنَّةُ ». فيا طالب الجنة: اسمُ بهمَّتك إلى المعالي، ونافس في نفيس وغالي، واطلب الجنةَ ونعيمها، وأعظم نعمة فيها النظر إلى وجه الله الكريم، قال تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَة * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَة} القيامة:22،23. أتريد مفتاح الجنة ،فعليك بالصلاة، ففي مسند أحمد: (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «مِفْتَاحُ الْجَنَّةِ الصَّلاَةُ وَمِفْتَاحُ الصَّلاَةِ الطُّهُورُ»، أتريد مدخلا من مداخل الجنة؟، فأكثر من: (لا حول ولا قوة إلا بالله)، ففي سنن الترمذي: (عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ أَنَّ أَبَاهُ دَفَعَهُ إِلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- يَخْدُمُهُ. قَالَ فَمَرَّ بِيَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- وَقَدْ صَلَّيْتُ فَضَرَبَنِي بِرِجْلِهِ وَقَالَ «أَلاَ أَدُلُّكَ عَلَى بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ». قُلْتُ بَلَى. قَالَ «لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ»، أتريد مدخلين من مداخل الجنة؟، أخدم والديك، وتذلل لهما بالطاعة، ففي سنن النسائي: (أَنَّ جَاهِمَةَ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَدْتُ أَنْ أَغْزُوَ وَقَدْ جِئْتُ أَسْتَشِيرُكَ. فَقَالَ «هَلْ لَكَ مِنْ أُمٍّ». قَالَ نَعَمْ. قَالَ «فَالْزَمْهَا فَإِنَّ الْجَنَّةَ تَحْتَ رِجْلَيْهَا». أتريد بابا تدخل منه الجنة؟، فعليك بكثرة صيام التطوع، ففي الصحيحين: (عَنْ سَهْلٍ – رضي الله عنه – عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ «إِنَّ فِي الْجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ لَهُ الرَّيَّانُ، يَدْخُلُ مِنْهُ الصَّائِمُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، لاَ يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ يُقَالُ أَيْنَ الصَّائِمُونَ فَيَقُومُونَ، لاَ يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، فَإِذَا دَخَلُوا أُغْلِقَ، فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ أَحَدٌ»، وسل نساءك أيردن الجنة، فهذا هو طريقها، ففي مسند أحمد: (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «إِذَا صَلَّتِ الْمَرْأَةُ خَمْسَهَا وَصَامَتْ شَهْرَهَا وَحَفِظَتْ فَرْجَهَا وَأَطَاعَتْ زَوْجَهَا قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الْجَنَّةَ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شِئْتِ»، وهل تريد أن تفتح لك أبواب الجنة الثمانية، تدخل من أيها شئت؟، تشهد بعد الوضوء، ففي سنن النسائي: (عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ – رضى الله عنه – قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ «مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ ثُمَّ قَالَ أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ فُتِّحَتْ لَهُ ثَمَانِيَةُ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ يَدْخُلُ مِنْ أَيِّهَا شَاءَ»، أتريد أن يتلقاك أولادك على أبواب الجنة؟، أحتسب الأجر في موتهم، ففي صحيح البخاري: (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – «مَا مِنَ النَّاسِ مُسْلِمٌ يَمُوتُ لَهُ ثَلاَثَةٌ مِنَ الْوَلَدِ لَمْ يَبْلُغُوا الْحِنْثَ إِلاَّ أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ بِفَضْلِ رَحْمَتِهِ إِيَّاهُمْ»، أتريد أن تفتح لك أبواب الجنة الثمانية، ويقال لك ادخل الجنة بسلام، فتدخل مدخلاً كريماً؟، ففي صحيح ابن حبان: (عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه جلس على المنبر ثم قال والذي نفسي بيده ثلاث مرات ثم سكت فأكب كل رجل منا يبكي حزنا ليمين رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال ما من عبد يؤدي الصلوات الخمس ويصوم رمضان ويجتنب الكبائر السبع إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يوم القيامة حتى إنها لتصطفق)، يقول الله تعالى: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا} النساء: (31). 

                                               الدعاء