خطبة عن ( اعْرِفْ رَبَّكَ )
يونيو 28, 2025خطبة عن (سُبُلُ الْجِهَادِ)
يونيو 28, 2025الخطبة الأولى (سُبل وأسباب النجاة) مختصرة1
الحمد لله رب العالمين. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى: (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)(153) الأنعام.
إخوة الإسلام
العاقل هو من يحرص على النجاة في الدنيا والآخرة، ويبحث عن السبل التي تنجيه من الهلاك والضياع في الدارين، فعلى العبد أن يحرص كل الحرص على معرفة أسباب النجاة والفلاح؛ ليسلكها ويمضي في طريقها ؛فهي التي توصله إلى الفوز بالجنات،
وأول سبل النجاة وأهمها على الإطلاق: الإِيمَانُ: بأَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْقَدَرِ كُلِّهِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ، فبغير الإيمان يُحبط عملك، قال تعالى: (وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (65) الزمر، وبدون الإيمان يكون العبد من الخاسرين، ومن المعذبين، قال تعالى: (وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ) (1): (3) العصر، وقال تعالى: (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا (71) ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا) (71)، (72) مريم، وفي سنن النسائي وغيره: (عن عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ حِينَ بَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِلَى أَهْلِ مَكَّةَ بِبَرَاءَةَ قَالَ «مَا كُنْتُمْ تُنَادُونَ». قَالَ كُنَّا نُنَادِي «إِنَّهُ لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلاَّ نَفْسٌ مُؤْمِنَةٌ..)، وفي الصحيحين: (يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ. وَكَانَ فِي قَلْبِهِ مَا يَزِنُ مِنَ الْخَيْرِ ذَرَّةً »، وفي رواية: «يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ إِيمَانٍ».
أما سبيل النجاة التالي بعد الإيمان فهو: العمل الصالح، الخالص لله تعالى، الموافق للكتاب والسنة، ولعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالإيمان قول وعمل، والإيمان المقبول هو المقرون بالعمل الصالح، من أداء الفرائض والواجبات، والله عز وجل يقول: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا} [الكهف:107]، وهذا العمل الصالح لا بد أن يكون خالصا لله تعالى، ففي سنن النسائي: (قال صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ لاَ يَقْبَلُ مِنَ الْعَمَلِ إِلاَّ مَا كَانَ لَهُ خَالِصًا وَابْتُغِيَ بِهِ وَجْهُهُ». وفي صحيح مسلم: (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ مَنْ عَمِلَ عَمَلاً أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ».
ومن سبل النجاة: الدعاء، وطلب الهداية: ففي مسند أحمد: (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «إِنَّ الدُّعَاءَ هُوَ الْعِبَادَةُ». وفي رواية: «الدُّعَاءُ مُخُّ الْعِبَادَةِ »، أما طلب الهداية: فهذا هو السبيل الذي تطلبه من الله عز وجل، سبع عشرة مرة في اليوم، (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ) الفاتحة (6)، وهو الذي عناه الله تبارك وتعالى بقوله تعالى: (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ) [الأنعام:153]،
ومن سبل النجاة :العمل بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه الترمذي: (عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا النَّجَاةُ قَالَ «أَمْسِكْ عَلَيْكَ لِسَانَكَ وَلْيَسَعْكَ بَيْتُكَ وَابْكِ عَلَى خَطِيئَتِكَ»، فمن أسباب النجاة كما وردت في هذا الحديث: “أمسِكْ عليك لِسانَك”، أي: كُفَّ لِسانَك واحْبِسْه، واحْفَظْه عن قولِ كلِّ شرٍّ، ولا تَنطِقْ إلَّا بخيرٍ، قال تعالى: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق: 18]؛ وفي صحيحِ البخاريِّ: “إنَّ العبدَ ليَتكلَّمُ بالكلمةِ مِن سَخطِ اللهِ لا يُلْقي لها بالًا يَهوي بِها في جهَنَّمَ”، “وَلْيَسَعْك بيتُك”، أي: لِيَكُنْ في بيتِك سَعَتُك والْزَمْ بيتَك لِتَعبُدَ اللهَ في الخَلَواتِ، واشتَغِلْ بطاعةِ اللهِ عزَّ وجلَّ، واعتَزِلْ في بَيتِك عن الفِتَنِ ،
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (سُبل وأسباب النجاة)
الحمد لله رب العالمين. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
ومن سبل النجاة: “وابْكِ على خَطيئتِك”، أي: واندَمْ على ما ارتكَبتَ مِن ذنوبٍ، ثمَّ اشتَغِلْ بإصلاحِ نفسِك وتَهذيبِها.
ومن سبل النجاة: التحلل من حقوق الناس في الدنيا قبل الآخرة، والكف عن المعاصي والموبقات، وظلم الناس: ففي صحيح البخاري: (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ «مَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ مَظْلَمَةٌ لأَخِيهِ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهَا، فَإِنَّهُ لَيْسَ ثَمَّ دِينَارٌ وَلاَ دِرْهَمٌ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُؤْخَذَ لأَخِيهِ مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ أَخِيهِ، فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ»،
ومن أسباب النجاة: صلاح القلب وسلامته، وتقوى الله والخوف منه، واصلاح النفس وتزكيتها :أما عن سلامة القلب: قال تعالى: (يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (88) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) (88)، (89) الشعراء، وأما عن تقوى الله: فعند الترمذي : (سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَنْ أَكْثَرِ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ الْجَنَّةَ فَقَالَ «تَقْوَى اللَّهِ وَحُسْنُ الْخُلُقِ». وَسُئِلَ عَنْ أَكْثَرِ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ النَّارَ فَقَالَ «الْفَمُ وَالْفَرْجُ». وأما الخوف من الله: قال تعالى: (وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى) (40)، (41) النازعات، وفي سنن ابن ماجه: (عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ (وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ) أَهُوَ الرَّجُلُ الَّذِي يَزْنِي وَيَسْرِقُ وَيَشْرَبُ الْخَمْرَ قَالَ «لاَ يَا بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ – أَوْ يَا بِنْتَ الصِّدِّيقِ – وَلَكِنَّهُ الرَّجُلُ يَصُومُ وَيَتَصَدَّقُ وَيُصَلِّي وَهُوَ يَخَافُ أَنْ لاَ يُتَقَبَّلَ مِنْهُ». وأما عن صلاح النفس وتزكيتها: فقد قال الله تعالى: (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا) (7): (10) الشمس،
ونستكمل الموضوع إن شاء الله
الدعاء