خطبة عن (الاستعاذة من الفتن) مختصرة 1
سبتمبر 24, 2025خطبة عن (الفرق بين الفلاح والنجاح) مختصرة
سبتمبر 24, 2025الخطبة الأولى (ادخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلَامٍ)
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
روى التِّرْمِذِيُّ في سننه وَصَحَّحَهُ: (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَفْشُوا السَّلَامَ، وَصِلُوا الْأَرْحَامَ، وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ، وَصَلُّوا بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ، تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلَامٍ).
إخوة الإسلام
هذا الحديث يحتوي على أربع وصايا نبوية، لمن أراد أن يدخل الجنة، وهي: إفشاء السلام، وصلة الأرحام، وإطعام الطعام، وقيام الليل)، ولنا وقفة مع كل وصية من هذه الوصايا: الوصية الأولى قوله صلى الله عليه وسلم: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَفْشُوا السَّلَامَ): فمن أبواب دخول الجنة (إفشاءِ السَّلامِ)، والمقصودُ بإفشاءِ السَّلامِ نشْرُه والإكثارُ منه، وإفشاءُ السَّلامِ طريقٌ موصِلٌ للمحبَّةِ بين المسلِمين، ففي صحيح مسلم: (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «لاَ تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا وَلاَ تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا. أَوَلاَ أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ أَفْشُوا السَّلاَمَ بَيْنَكُمْ». والسَّلامُ هو التَّحيَّةُ المباركَةُ في هذه الأمَّةِ الاسلامية، ففي الصحيحين: (أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم – أَيُّ الإِسْلاَمِ خَيْرٌ قَالَ «تُطْعِمُ الطَّعَامَ، وَتَقْرَأُ السَّلاَمَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ»، وفي رد السلام أجر عظيم، وثواب جزيل، ففي سنن أبي داود: (جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ. فَرَدَّ عَلَيْهِ السَّلاَمَ ثُمَّ جَلَسَ فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- «عَشْرٌ». ثُمَّ جَاءَ آخَرُ فَقَالَ السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ. فَرَدَّ عَلَيْهِ فَجَلَسَ فَقَالَ «عِشْرُونَ». ثُمَّ جَاءَ آخَرُ فَقَالَ السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ. فَرَدَّ عَلَيْهِ فَجَلَسَ فَقَالَ «ثَلاَثُونَ»، وفي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ للبخاري (إذَا سَلَّمْت فَأَسْمِعْ فَإِنَّهَا تَحِيَّةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ)، وإلقاء السلام حق من حقوق المسلم على أخيه المسلم، ففي صحيح مسلم: (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ «حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ سِتٌّ». قِيلَ مَا هُنَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «إِذَا لَقِيتَهُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، وَإِذَا دَعَاكَ فَأَجِبْهُ، وَإِذَا اسْتَنْصَحَكَ فَانْصَحْ لَهُ، وَإِذَا عَطَسَ فَحَمِدَ اللَّهَ فَشَمِّتْهُ، وَإِذَا مَرِضَ فَعُدْهُ، وَإِذَا مَاتَ فَاتَّبِعْهُ ». وَيُشْرَعُ السَّلَامُ عِنْدَ الْقِيَامِ مِنْ الْمَجلس كَمَا يُشْرَعُ عِنْدَ الدُّخُولِ، ففي سنن النَّسَائِيّ: {إذَا قَعَدَ أَحَدُكُمْ فَلْيُسَلِّمْ وَإِذَا قَامَ فَلْيُسَلِّمْ فَلَيْسَتْ الْأُولَى أَحَقَّ مِنْ الْآخِرَةِ}.
وأما الوصية الثانية للرسول صلى الله عليه وسلم فقوله: (وَصِلُوا الْأَرْحَامَ): فصلة الأرحام باب من أبواب الجنة، والأرحام: هم كل من تربطك بهم رحم، أو قرابة، من جهة الأب أو الأم، وقد حث القرآن الكريم على صلتهم، وحذر أشد التحذير من قطيعتهم، فقال تعالى: {وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ} (النساء:1)، وقال تعالى: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ} (محمد:22)، وأعظم الرحم وأوجبها: الوالدان، فيجب برهما والإحسان إليهما، وقد جاء التحذير من قطع الرحم، ففي صحيح مسلم: (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ «لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَاطِعُ رَحِمٍ». وفي سنن أبي داود: (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «مَا مِنْ ذَنْبٍ أَجْدَرُ أَنْ يُعَجِّلَ اللَّهُ لِصَاحِبِهِ الْعُقُوبَةَ فِي الدُّنْيَا مَعَ مَا يَدَّخِرُ لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْبَغْيِ وَقَطِيعَةِ الرَّحِمِ». وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على صلة الرحم دون انتظارها من الطرف الآخر، ففي صحيح البخاري: (عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ «لَيْسَ الْوَاصِلُ بِالْمُكَافِئِ، وَلَكِنِ الْوَاصِلُ الَّذِي إِذَا قَطَعَتْ رَحِمُهُ وَصَلَهَا»، وفي صحيح مسلم: (أَنَّ رَجُلاً قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِي قَرَابَةً أَصِلُهُمْ وَيَقْطَعُونِي وَأُحْسِنُ إِلَيْهِمْ وَيُسِيئُونَ إِلَىَّ وَأَحْلُمُ عَنْهُمْ وَيَجْهَلُونَ عَلَىَّ. فَقَالَ «لَئِنْ كُنْتَ كَمَا قُلْتَ فَكَأَنَّمَا تُسِفُّهُمُ الْمَلَّ وَلاَ يَزَالُ مَعَكَ مِنَ اللَّهِ ظَهِيرٌ عَلَيْهِمْ مَا دُمْتَ عَلَى ذَلِكَ»، وأما عن عظيم الأجر المترتب على صلة الرحم، ففي الصحيحين: (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ، وَيُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ»،
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلَامٍ)
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
واما الوصية الثالثة للرسول صلى الله عليه وسلم فقوله: (وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ): قال تعالى: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُوراً} (الإنسان: 8-9)، فإطعام الطعام من موجبات دخول الجنة، وتزداد فضيلة إطعام الطعام وبذله في الوقت الذي تزداد الحاجة له، قال تعالى: {أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَة } (البلد:14)، أي في وقت شدة الجوع. كما أن إطعام الطعام للضيف من كمال الإيمان، ففي الصحيحين: (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلاَ يُؤْذِ جَارَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ»
واما الوصية الرابعة للرسول فقوله: (وَصَلُّوا بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ): قال الله تعالى (كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ) (17) الذاريات، وفي سنن أبي داود: (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ «رَحِمَ اللَّهُ رَجُلاً قَامَ مِنَ اللَّيْلِ فَصَلَّى وَأَيْقَظَ امْرَأَتَهُ فَصَلَّتْ فَإِنْ أَبَتْ نَضَحَ فِي وَجْهِهَا الْمَاءَ رَحِمَ اللَّهُ امْرَأَةً قَامَتْ مِنَ اللَّيْلِ فَصَلَّتْ وَأَيْقَظَتْ زَوْجَهَا فَإِنْ أَبَى نَضَحَتْ فِي وَجْهِهِ الْمَاءَ». وفي صحيح البخاري: (أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ أَخْبَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – طَرَقَهُ وَفَاطِمَةَ بِنْتَ النَّبِيِّ – عَلَيْهِ السَّلاَمُ – لَيْلَةً فَقَالَ «أَلاَ تُصَلِّيَانِ». فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَنْفُسُنَا بِيَدِ اللَّهِ، فَإِذَا شَاءَ أَنْ يَبْعَثَنَا بَعَثَنَا. فَانْصَرَفَ حِينَ قُلْنَا ذَلِكَ وَلَمْ يَرْجِعْ إِلَىَّ شَيْئًا. ثُمَّ سَمِعْتُهُ وَهْوَ مُوَلٍّ يَضْرِبُ فَخِذَهُ وَهْوَ يَقُولُ «(وَكَانَ الإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَىْءٍ جَدَلاً)»، وفي سنن الترمذي: (عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ «عَلَيْكُمْ بِقِيَامِ اللَّيْلِ فَإِنَّهُ دَأْبُ الصَّالِحِينَ قَبْلَكُمْ وَهُوَ قُرْبَةٌ إِلَى رَبِّكُمْ وَمَكْفَرَةٌ لِلسَّيِّئَاتِ وَمَنْهَاةٌ لِلإِثْمِ».
ألا فاعملوا بوصايا رسول الله صلى الله عليه وسلم لتنالوا الأجر العظيم وهو الجنة، ففي سنن ابن ماجه: (قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- ذَاتَ يَوْمٍ لأَصْحَابِهِ «أَلاَ مُشَمِّرٌ لِلْجَنَّةِ فَإِنَّ الْجَنَّةَ لاَ خَطَرَ لَهَا هِيَ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ نُورٌ يَتَلأْلأُ وَرَيْحَانَةٌ تَهْتَزُّ وَقَصْرٌ مَشِيدٌ وَنَهَرٌ مُطَّرِدٌ وَفَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ نَضِيجَةٌ وَزَوْجَةٌ حَسْنَاءُ جَمِيلَةٌ وَحُلَلٌ كَثِيرَةٌ فِي مَقَامٍ أَبَدًا فِي حَبْرَةٍ وَنَضْرَةٍ فِي دَارٍ عَالِيَةٍ سَلِيمَةٍ بَهِيَّةٍ ». قَالُوا نَحْنُ الْمُشَمِّرُونَ لَهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «قُولُوا إِنْ شَاءَ اللَّهُ».
الدعاء