خطبة عن حديث (َالنَّاسُ أَرْبَعَةٌ)
يوليو 5, 2025خطبة عن (الله الحافظ الحفيظ)
يوليو 5, 2025الخطبة الأولى (الله العظيم)1
الحمد لله رب العالمين. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى: ﴿وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ﴾ البقرة:255، وقال تعالى: ﴿فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ﴾ الواقعة:74
إخوة الإسلام
(العظيم): اسم من أسماء الله الحسنى، ومعناه: أن الله تعالى عظيم ومعظم ومهاب، وله صفات العظمة في كل شيء، فالله تعالى عظيم في ذاته، وعظيم في صفاته، وعظيم خلقه وتدبيره واحاطته، وليس كمثله شيء، وكل ما دونه فهو صغير ذليل حقير، وقد جاوز قدره وعظمته سبحانه حدود العقول، فلا تدركه الأبصار، ولا تحيط به الفهوم، لذلك، حينما سأله موسى: (قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ، قَالَ لَنْ تَرَانِي) الاعراف:143، لماذا؟ لأنه عظيم، ولكي ندرك نحن البشر مدى عظمته، فقد بين لنا سبحانه عظمة بعض مخلوقاته، فقال سبحانه: (وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ)، وفي صحيح ابن حبان: (ما السماوات السبع مع الكرسي إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة، وفضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على الحلقة)، ولكي نتصور عظمة العرش، وعظمة رب العرش، يقول صلى الله عليه وسلم: «أُذِنَ لِي أَنْ أُحَدِّثَ عَنْ مَلَكٍ مِنْ مَلاَئِكَةِ اللَّهِ مِنْ حَمَلَةِ الْعَرْشِ إِنَّ مَا بَيْنَ شَحْمَةِ أُذُنِهِ إِلَى عَاتِقِهِ مَسِيرَةُ سَبْعِمِائَةِ عَامٍ » رواه أبو داود،
ولما كان الله تعالى عظيما، فلا يُستشفع به على مخلوقاته، ففي سنن أبي داود: (أَتَى رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَعْرَابِيٌّ، فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، جُهِدَتِ الأَنْفُسُ، وَضَاعَتِ الْعِيَالُ، وَنُهِكَتِ الأَمْوَالُ وَهَلَكَتِ الأَنْعَامُ، فَاسْتَسْقِ اللَّهَ لَنَا، فَإِنَّا نَسْتَشْفِعُ بِكَ عَلَى اللَّهِ، وَنَسْتَشْفِعُ بِاللَّهِ عَلَيْكَ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «وَيْحَكَ أَتَدْرِي مَا تَقُولُ » وَسَبَّحَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَمَا زَالَ يُسَبِّحُ حَتَّى عُرِفَ ذَلِكَ فِي وُجُوهِ أَصْحَابِهِ ثُمَّ قَالَ «وَيْحَكَ إِنَّهُ لاَ يُسْتَشْفَعُ بِاللَّهِ عَلَى أَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ، شَأْنُ اللَّهِ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ، وَيْحَكَ أَتَدْرِي مَا اللَّهُ، إِنَّ عَرْشَهُ عَلَى سَمَوَاتِهِ لَهَكَذَا». وَقَالَ بِأَصَابِعِهِ مِثْلَ الْقُبَّةِ عَلَيْهِ «وَإِنَّهُ لَيَئِطُّ بِهِ أَطِيطَ الرَّحْلِ بِالرَّاكِبِ». قَالَ ابْنُ بَشَّارٍ فِي حَدِيثِهِ «إِنَّ اللَّهَ فَوْقَ عَرْشِهِ وَعَرْشُهُ فَوْقَ سَمَوَاتِهِ »،
ولما كان الله عظيما، ووجه الله عظيما، فلا يُسأل بوجه الله شيء، لأن الله تعالى أعظم من أن يسأل به الإنسان شيئاً من حطام الدنيا، ومن سُئل بوجه الله؛ فينبغي له أن يُعطي السائل ما لم يكن في سؤاله إثم، أو ضرر يلحق بالمسؤول، فقد روى الطبراني: (أن رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: {مَلْعُونٌ مَنْ سَأَلَ بِوَجْهِ اللَّهِ. وَمَلْعُونٌ مَنْ سُئِلَ بِوَجْهِ اللَّهِ ثُمَّ مَنَعَ سَائِلَهُ، مَا لَمْ يُسْأَلْ هُجْرًا} أَيْ أَمْرًا قَبِيحًا لَا يَلِيقُ.
واسم الله (العظيم) من الاسماء التي لا يُنازع الله تعالى فيها، ففي سنن أبي داود وغيره: (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْكِبْرِيَاءُ رِدَائِي وَالْعَظَمَةُ إِزَارِي فَمَنْ نَازَعَنِي وَاحِدًا مِنْهُمَا قَذَفْتُهُ فِي النَّارِ»، وعظمةُ اللهِ سبحانَه وتعالى لا تكيَّفُ ولا تحدُّ، ولا تمثَّلُ بشيءٍ، ويجبُ على العبادِ أن يعلَمُوا أنه سبحانَهُ عظيمٌ كمَا وصفَ نفسَهُ بذلك، ووصفَهُ به رسولُه – صلى الله عليه وسلم – وفي معجم الطبراني: (عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – أنه قالَ: «تفكرُوا في آلاءِ اللهِ ولا تَفَكَّرُوا في اللهِ»، وفي لفظ: «تَفكَّروا في خلقِ اللهِ ولا تَفَكَّرُوا في اللهِ»،
وتعظيم الله تعالى أصل العبادة وحقيقتها، قال الله تعالى: (فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ) (74) الواقعة، فمن أبرز سمات المتقين، تعظيم الله تعالى، وتعظيم شعائره، وعدم الاستخفاف والاستهزاء بآياته، فمن عظم الله سبحانه، وقدره حق قدره، تحقق فلاحه ونجاحه، ومن عظم الله عرف أحقية الله عز وجل بالذل والخضوع والخشوع والانكسار،
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (الله العظيم)
الحمد لله رب العالمين. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
وقد أمر الله رسوله أن يسبحه باسمه العظيم في ركوعه، ففي صحيح مسلم: (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم : (وَإِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَقْرَأَ الْقُرْآنَ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا فَأَمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ عَزَّ وَجَلَّ وَأَمَّا السُّجُودُ فَاجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ فَقَمِنٌ أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ»، وثبت أنه صلوات الله وسلامه عليه كان يقول في ركوعه وسجوده:(سُبْحَانَ ذِي الْجَبَرُوتِ وَالْمَلَكُوتِ وَالْكِبْرِيَاءِ وَالْعَظَمَةِ)، وتعظيم العبد لله تعالى يولد الخوف من المعظم، قال تعالى: (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ) (67) الزمر، وفي تفسير القرطبي: في قوله تعالى: (وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا (88) لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا (89) تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا (90) أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا (91) وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا (92) إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا (93) لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا (94) وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا ) (88): (95) مريم، قال ابن عباس: (اقشعرت الجبال وما فيها من الأشجار والبحار وما فيها من الحيتان، فصار من ذلك الشوك في الحيتان والأشجار)، والتسبيح باسم الله العظيم ثقيل في الميزان، ففي الصحيحين: قال صلى الله عليه وسلم: «كَلِمَتَانِ خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ، ثَقِيلَتَانِ فِي الْمِيزَانِ، حَبِيبَتَانِ إِلَى الرَّحْمَنِ سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ ،سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِيمِ» ونستكمل الموضوع،
الدعاء