خطبة عن (لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ)
أبريل 17, 2025خطبة عن حديث (عَلِّمْنِي دُعَاءً أَدْعُو بِهِ)
أبريل 20, 2025الخطبة الأولى ( من ثمرات الإسلام ومحاسنه )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا) المائدة (3) ، وروى الامام مسلم في صحيحه : (أن عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ يقول: فَلَمَّا جَعَلَ اللَّهُ الإِسْلاَمَ فِي قَلْبِي أَتَيْتُ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- فَقُلْتُ ابْسُطْ يَمِينَكَ فَلأُبَايِعْكَ. فَبَسَطَ يَمِينَهُ – قَالَ – فَقَبَضْتُ يَدِى. قَالَ « مَا لَكَ يَا عَمْرُو ». قَالَ قُلْتُ أَرَدْتُ أَنْ أَشْتَرِطَ. قَالَ « تَشْتَرِطُ بِمَاذَا ». قُلْتُ أَنْ يُغْفَرَ لِي. قَالَ « أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الإِسْلاَمَ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ وَأَنَّ الْهِجْرَةَ تَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهَا وَأَنَّ الْحَجَّ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ »
إخوة الإسلام
إن الدين الإسلامي لهو أكمل الأديان وأفضلها، وأعلاها وأجلها، وقد حوى من المحاسن والكمالات والصلاح والرحمة والعدل والحكمة ما يشهد للَّه تعالى بالكمال المطلق ،وسعة العلم والحكمة، ويشهد لنبيه صلى الله عليه وسلم أنه رسول الله حقًّا، وأنه الصادق المصدوق الذي لا ينطق عن الهوى ، قال الله تعالى: ﴿وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (1) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (2) وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى﴾ (1) :(4) النجم . وهذا الدين الإسلامي لهو أعظم برهان، وأجل شاهد لله تعالى بالتفرد بالكمال المطلق كله، ولنبيه صلى الله عليه وسلم بالرسالة والصدق، قال الله تعالى: ﴿ إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ﴾ [آل عمران: 19]. وقال الله تعالى 🙁وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (85) آل عمران
ومحاسن الدين الإسلامي عامة في جميع مسائله ودلائله، وفي أصوله وفروعه، وفيما دل عليه من علوم الشرع والأحكام، وما دل عليه من علوم الكون والاجتماع، فمن ثمرات الإسلام ومحاسنه : أن الإسلام الصحيح يثمر كل خير في الدنيا والآخرة ،وأن الاسلام من أعظم الأسباب للحياة الطيّبة والسعادة في الدنيا والآخرة. قال الله عز وجل: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} النحل (97)
ومن محاسن الإسلام وثمراته : أن الإسلام يخرج الله به الناس من ظلمات الكفر إلى نور الإسلام والإيمان، قال الله تعالى : (الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ) (1) ابراهيم ، وقال الله تعالى : (اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (257) البقرة
ومن محاسن الإسلام وثمراته : أن الإسلام يغفر الله به جميع الذنوب والسيئات؛ لقول الله تعالى للنبي – صلى الله عليه وسلم -: {قُل لِلَّذِينَ كَفَرُواْ إِن يَنتَهُواْ يُغَفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ} الانفال (38) ،وفي حديث عمرو بن العاص – رضي الله عنه – في قصة إسلامه، كما في صحيح مسلم ،قال: (فَلَمَّا جَعَلَ اللَّهُ الإِسْلاَمَ فِي قَلْبِي أَتَيْتُ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- فَقُلْتُ ابْسُطْ يَمِينَكَ فَلأُبَايِعْكَ. فَبَسَطَ يَمِينَهُ – قَالَ – فَقَبَضْتُ يَدِى. قَالَ « مَا لَكَ يَا عَمْرُو ». قَالَ قُلْتُ أَرَدْتُ أَنْ أَشْتَرِطَ. قَالَ « تَشْتَرِطُ بِمَاذَا ». قُلْتُ أَنْ يُغْفَرَ لِي. قَالَ « أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الإِسْلاَمَ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ وَأَنَّ الْهِجْرَةَ تَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهَا وَأَنَّ الْحَجَّ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ ».
ومن محاسن الإسلام وثمراته : أن الإسلام يجمع الله به للعبد حسناته في الكفر والإسلام ، ويكفر به كل الغدرات والفجرات ؛ففي الصحيحين : (عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ – رضى الله عنه – قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ أَشْيَاءَ كُنْتُ أَتَحَنَّثُ بِهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ صَدَقَةٍ أَوْ عَتَاقَةٍ وَصِلَةِ رَحِمٍ فَهَلْ فِيهَا مِنْ أَجْرٍ فَقَالَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – « أَسْلَمْتَ عَلَى مَا سَلَفَ مِنْ خَيْرٍ »، وفي مسند احمد : (عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- شَيْخٌ كَبِيرٌ يَدَّعِمُ عَلَى عَصاً لَهُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِي غَدَرَاتٍ وَفَجَرَاتٍ فَهَلْ يُغْفَرُ لِي قَالَ « أَلَسْتَ تَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ ». قَالَ بَلَى وَأَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ. قَالَ « قَدْ غُفِرَ لَكَ غَدَرَاتُكَ وَفَجَرَاتُكَ ».
ومن محاسن الإسلام وثمراته : إن دين الإسلام مبني على أصول الإيمان المذكورة في قوله تعالى: ﴿ قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ﴾ [البقرة: 136] ،فهذه الأصول العظيمة التي أمر الله عباده بها هي الأصول التي اتفق عليها الأنبياء والمرسلون، وهي محتوية على أجلِّ المعارف والاعتقادات من الإيمان بكل ما وصف الله به نفسه على ألسنة رسله، وعلى بذل الجهد في سلوك مرضاته، فدين أصله الإيمان بالله وثمرته السعي في كل ما يحبه ويرضاه، وإخلاص ذلك لله، وهو مهيمن على سائر الأديان، قال الله تعالى: ﴿ وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ [آل عمران: 85].
ومن محاسن الإسلام وثمراته : ما أمر به الشارع وحث عليه من وجوب الاجتماع والائتلاف ونهيه وتحذيره عن التفرق والاختلاف، على هذا الأصل الكبير من نصوص الكتاب والسنة شيء كثير، قال تعالى: ﴿ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ﴾ [آل عمران: 103]. وقد علم كل من له أدنى معرفة منفعة هذا الأمر، وما يترتب عليه من المصالح الدينية والدنيوية، وما يندفع به من المضار والمفاسد،
ومن محاسن الإسلام وثمراته : أن دين الإسلام دين رحمة وبركة وإحسان، وحث على منفعة الإنسان، فما عليه هذا الدين من الرحمة وحسن المعاملة والدعوة إلى الإحسان، والنهي عن كل ما يضاد ذلك، هو الذي صيره نورًا وضياءً بين ظلمات الظلم والبغي وسوء المعاملة، وانتهاك الحرمات. وهو الذي عطف وحنا على أهله حتى صارت الرحمة والعفو والإحسان تتدفق من قلوبهم على أقوالهم وأعمالهم، وتتخطاهم إلى أعدائهم، حتى صاروا من أعظم أوليائه
ومن محاسن الإسلام وثمراته : أنه ما حرم شيئًا عليهم إلا عوضهم خيرًا منه، مما يسد مسده ولا يغني عنه كما بين ذلك ابن القيم رحمه الله : (حرم عليهم الاستقسام بالأزلام، وعوضهم منه دعاء الاستخارة، وحرم عليهم الربا، وعوضهم التجارة الرابحة. وحرم عليهم القمار وعوضهم منه أكل المال بالمسابقة بالخيل والإبل والسهام، وحرم عليهم الحرير، وعوضهم منه أنواع الملابس الفاخرة من الصوف والكتان والقطن، وحرم عليهم شرب المسكرات، وعوضهم عنه بالأشربة اللذيذة والنافعة للروح والبدن، وحرم عليهم الخبائث من المطعومات، وعوضهم عنها بالمطاعم والطيبات.
ومن محاسن الإسلام وثمراته : أن دين الإسلام هو دين الحكمة ودين العقل والفطرة والصلاح والفلاح، يوضح هذا الأصل ما هو محتوٍ عليه من الأحكام الأصولية والفروعية التي تقبلها الفطر والعقول، وتنقاد لها بوازع الحق والصواب، وما هي عليه من الأحكام وحسن الانتظام، وأنها صالحة لكل زمان ومكان، فأخباره كلها حق وصدق، لم يأت – ويستحيل أن يأتي – علم سابق أو لاحق بما ينقضها أو يكذبها، وإنما العلوم الحقَّة كلها تؤازرها وتؤيدها، وهي أعظم برهان على صدقها، قال تعالى: ﴿ سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ﴾ [فصلت: 53]. وقد حقق المحققون المنصفون أن كل علم نافع ديني أو دنيوي أو سياسي فقد دل عليه القرآن دلالة لا ريب فيها، قال تعالى: ﴿ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ ﴾ [الأنعام: 38]. فليس في شريعة الإسلام ما تحيله العقول، وإنما فيه ما تشهد العقول الزكية بصدقه ونفعه وصلاحه، وكذلك أوامره ونواهيه كلها عدل لا ظلم فيها، فما أمر بشيء إلا وهو خير أو راجح، وما نهى إلا عن الشر الخالص، أو الذي مفسدته تزيد على مصلحته،
ومِنْ مَحَاسِنِ الْإِسْلَامِ: الْحَثَّ عَلَى الْمَشُورَةِ، وَالْأَخْذِ بِهَا، مَتَى كَانَتْ صَائِبَةً، مُتَّفِقَةً مَعَ الْعَقْلِ وَالْمَنْطِقِ وَالتَّجْرِبَةِ، قَالَ تَعَالَى: {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} [الشورى: 38]. وَمِنْ مَحَاسِنِهِ: أَنَّ أَفْضَلَ النَّاسِ عِنْدَ اللهِ أَكْثَرُهُمْ صَلَاحًا وَتَقْوَى، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13]. وَمِنْ مَحَاسِنِهِ: الْحَثُّ عَلَى الْعِتْقِ، وَتَحْرِيرِ الْأَرِقَّاءِ، وَالْإِحْسَانِ إِلَى الْمَمْلُوكِ. وَمِنْ مَحَاسِنِهِ: الْحَثُّ عَلَى الْإِحْسَانِ إِلَى الْجَارِ، وَالضَّيْفِ، وَالْمِسْكِينِ، وَالْيَتِيمِ. وَمِنْ مَحَاسِنِ الْإِسْلَامِ: أَنَّهُ يَدْعُو إِلَى تَبَادُلِ الْأُلْفَةِ وَالْمَحَبَّةِ، وَالتَّصَافِي وَالتَّعَاوُنِ، قَالَ ﷺ: «الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ، يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا». وَمِنْ مَحَاسِنِ الْإِسْلَامِ الْعَظِيمِ: أَنَّهُ يَذُمُّ النِّزَاعَ وَالْكَرَاهِيَةَ وَالتَّفْرِقَةَ، قَالَ تَعَالَى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} [آل عمران: 103]. وَمِنْ مَحَاسِنِهِ: النَّهْيُ عَنِ النَّمِيمَةِ وَالْغِيبَةِ، وَالْحَسَدِ، وَالتَّجَسُّسِ، وَالْكَذِبِ، وَالْخِيَانَةِ. وَمِنْ مَحَاسِنِهِ: النَّهْيُ عَنِ الظُّلْمِ، وَالْأَمْرُ بِالْعَدْلِ، مَعَ الْقَرِيبِ وَالْبَعِيدِ، قَالَ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا} [المائدة: 8]. وَمِنْ مَحَاسِنِ الْإِسْلَامِ: الْحَثُّ عَلَى الْعَفُوِ عَنِ الْمُعْتَدِي ، قَالَ تَعَالَى: {وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا} [النور: 22].وَقَالَ: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [المؤمنون: 96].وَقَالَ: {وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [البقرة: 237]. وَمِنْ مَحَاسِنِ الْإِسْلَامِ: الدَّعْوَةُ إِلَى الصُّلْحِ بَيْنَ الْأَخَوَيْنِ، وَالنَّهْيُ عَنِ الْهِجْرَانِ، قَالَ تَعَالَى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ} [الحجرات: 10].وَقَالَ: {وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} [النساء: 128]. وَمِنْ مَحَاسِنِهِ: النَّهْيُ عَنِ التَّقَاطُعِ وَالتَّدَابُرِ، وَالتَّبَاغُضِ وَالتَّحَاسُدِ، قَالَ ﷺ: «لَا تَقَاطَعُوا، وَلَا تَدَابَرُوا، وَلَا تَبَاغَضُوا، وَلَا تَحَاسَدُوا». وَمِنْ مَحَاسِنِهِ: النَّهْيُ عَنْ الِاسْتِهْزَاءِ بِالنَّاسِ، وَذِكْرِ عُيُوبِهِمْ، قَالَ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ} [الحجرات: 11] الْآيَةَ.
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( من ثمرات الإسلام ومحاسنه )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
وَمِنْ مَحَاسِنِ الدين الاسلامي وثمراته : النَّهْيُ عَنْ بَيْعِ الْإِنْسَانِ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ، وَالْخِطْبَةِ عَلَى خِطْبَتِهِ، إِلَّا أَنْ يَأْذَنَ أَوْ يُرَدَّ؛ لِمَا يَنْشَأُ عَنْ ذَلِكَ مِنَ الْعَدَاوَةِ وَالتَّقَاطُعِ. وَمِنْ مَحَاسِنِهِ: مَشْرُوعِيَّةُ السَّلَامِ عَلَى الْمُسْلِمِ، عَرَفَهُ أَوْ لَمْ يَعْرِفْهُ. وَمِنْ مَحَاسِنِهِ: الْأَمْرُ بِرَدِّ التَّحِيَّةِ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رَدِّهَا، قَالَ تَعَالَى: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} [النساء: 86] الْآيَةَ. وَمِنْ مَحَاسِنِهِ: الْأَمْرُ بِالتَّثَبُّتِ فِيمَا نَسْمَعُهُ، قَالَ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} [الحجرات: 6].
وَمِنْ مَحَاسِنِ الْإِسْلَامِ الْعَظِيمِ: النَّهْيُ عَنِ الْبَوْلِ فِي الْمَاءِ الرَّاكِدِ، وَفِي ذَلِكَ الْعِنَايَةُ بِالنَّاحِيَةِ الصِّحِّيَّةِ، وَالْوِقَايَةُ مِنَ النَّجَاسَةِ وَالْأَمْرَاضِ -بِإِذْنِ اللهِ- وَمِنْ مَحَاسِنِهِ: النَّهْيُ عَنْ إِيذَاءِ الْمُؤْمِنِينَ ، وَالْإِضْرَارِ بِهِمْ، قَالَ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا} [الأحزاب: 58]. وَقَالَ ﷺ: «مَنْ أَكَلَ الثُّومَ، وَالْبَصَلَ، وَالْكُرَّاثَ، فَلَا يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا؛ فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَتَأَذَّى مِمَّا يَتَأَذَّى مِنْهُ بَنُو آدَمَ». وَمِنْ مَحَاسِنِهِ: النَّهْيُ عَنِ الْأَكْلِ بِالشِّمَالِ، وَالشُّرْبِ بِهَا؛ لِأَنَّهَا لِإِزَالَةِ مَا يُسْتَقْذَرُ، وَلِأَنَّ الشَّيْطَانَ يَأْكُلُ بِشِمَالِهِ، كَمَا فِي الْحَدِيثِ.
وَمِنْ مَحَاسِنِهِ: الْأَمْرُ بِاتِّبَاعِ جَنَازَةِ الْمُسْلِمِ؛ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ الدُّعَاءِ وَالتَّرَحُّمِ عَلَيْهِ، وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ، وَجَبْرِ خَوَاطِرِ أَهْلِهِ الْمُؤْمِنِينَ. وَمِنْ مَحَاسِنِ الْإِسْلَامِ: تَشْمِيتُ الْعَاطِسِ، وَإِبْرَارُ الْمُقْسِم؛ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ التَّآلُفِ وَالتَّآخِي، وَالدُّعَاءِ لِأَخِيكِ بِالرَّحْمَةِ، وَلِمَا فِي إِبْرَارِ الْقَسَمِ مِنْ جَبْرِ خَاطِرِهِ، وَإِجَابَةِ طَلَبِهِ؛ مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ مُخَالَفَةِ الشَّرْعِ. وَمِنْ مَحَاسِنِهِ: إِجَابَةُ دَعْوَةِ الْمُسْلِمِ، وَلَا سِيَّمَا إِذَا كَانَ لِعُرْسٍ، وَلَمْ يَكُنْ فِيهَا مَا يُخَالِفُ الشَّرِيعَةَ، أَوْ يُخِلُّ بِالْمُرُوءَةِ وَالْإِنْسَانِيَّةِ، كَمَا تَرَاهُ الْيَوْمَ عِنْدَ بَعْضِ النَّاسِ مِنَ الْمَلَاهِي وَالْمُنْكَرَاتِ؛ لِأَنَّ فِي حُضُورِهِ -وَالْحَالَةِ هَذِهِ- تَشْجِيعٌ لِلْفَسَقَةِ وَأَهْلِ الْمُجُونِ، وَإِعَانَةٌ عَلَى نَشْرِ الْمَعَاصِي، وَعَدَمِ الْمُبَالَاةِ فِيهَا. وَمِنْ مَحَاسِنِ الدِّينِ الْإِسْلَامِيِّ: أَنَّهُ حَرَّمَ عَلَى الْمُسْلِمِ تَرْوِيعَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ؛ إِمَّا بِإِخْبَارِهِ بِخَبَرٍ يُفْزِعُهُ، أَوْ أَنْ يُشِيرَ إِلَيْهِ بِسِلَاحٍ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ. وَمِنْ مَحَاسِنِ الدِّينِ الْإِسْلَامِيِّ: أَنَّهُ نَهَى عَنْ تَشَبُّهِ الرِّجِالِ بِالنِّسَاءِ، وَبِالْعَكْسِ؛ بِأَنْ تَتَشَبَّهَ النِّسَاءُ بِالرِّجَالِ؛ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ الْمَفَاسِدِ، الَّتِي مِنْهَا التَّخَنُّثُ فِيمَنْ يَتَشَبَّهُ بِهِنَّ؛ فِي مَلَابِسِهِنَّ، وَحَرَكَاتِهِنَّ، وَكَلَامِهِنَّ، كَمَا هُوَ مَوْجُودٌ عِنْدَ بَعْضِ الْمُنْحَلِّينَ وَالْمَغْرُورِينَ!! ،وَمِنْ مَحَاسِنِ الْإِسْلَامِ: اتِّقَاءُ مَوَاضِعِ التُّهَمِ وَالرِّيَبِ؛ كَيْ يَصُونَ أَلْسِنَةَ النَّاسِ وَقُلُوبَهُمْ عَنْ سُوءِ الظَّنِّ بِهِ. َقَالَ عُمَرُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: (مَنْ أَقَامَ نَفْسَهُ مَقَامَ التُّهَمِ، فَلَا يَلُومَنَّ مَنْ أَسَاءَ بِهِ الظَّنَّ).
الدعاء